يقول - سبحانه وتعالى - (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .
فإذا به - على حد قولهم - (ينادي) ، فيفرح المتصل بهذا النداء و ،لسان حاله يقول :
به ورجوت تلبية المنادى
فلما لم يجبني زدت أخرى
وعدت إليه أطلبه فعادا
وثالثة ورابعة فيأس
وإحباط يرى الدنيا سوادا
أليس في هذا كتمانا للعلم !
ألم يقل الله
(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه)
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم (من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار)
أليس أحق الناس بالخوف من هذا الوعيد هم العلماء . انتهى كلام المسكين رحمه الله !
اعلم - رحمك الله ! - أن العلماء قد استغرقت فروض أعمالهم اليومية (تركة الأربعة والعشرين ساعة) بل عالت مسألتهم إلى (نسأل الله الإعانة) !.
يصلون نوافلهم بعد فرائضهم والأذكار ، ويطلبهم أهلهم في حوائجهم طرفي النهار ، ولا يكفيهم نهارهم حتى يكونوا من السمار !
دروس ومحاضرات
وخطب وندوات
وكتب ومؤلفات
ونصائح وإرشادات .
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام مكارم
ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
والسائل يريد جوابا في دقيقة !، والمسألة دقيقة ، والمسؤول لا يعرف مستوى السائل ، فأي شيء هذا .
طبعا : والسائل عند نفسه وأشباهه : طالب علم بهذه الأسئلة !
ما هذا ؟
وقد أجابوا غيري أكثر مني .
وهذا دليل خير وحب للعلماء وتواصل معهم ، ولكن يا إخواننا :
الأدب الأدب
واختيار الوقت المناسب
والسؤال المناسب
والأسلوب المناسب
والتسجيل المأذون
والطرح المأمون
ولست في هذا بخير قومي حالا ، بل قد أكون أسوأ مما عند (المسكين) ولكنها تذكرة لي ولإخواني ، والله المستعان .
جاء علي بن الحسين إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - وهو يصلي - ، فجلس ينتظره وطول عليه فعوتب في ذلك ، وقيل : يأتيك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحبسه هذا الحبس ؟ فقال : اللهم غفرا ، لابد لمن طلب هذا الشأن أن يعنى . (تذكرة الحفاظ 79/1)
يقول القواريري : أتيت عبد السلام بن حرب فقلت : حدثني فإني غريب من البصرة ، قال : كأنك تقول : جئت من السماء ! فلم يحدثني ! (تذكرة الحفاظ 199/1)
جاء رجل مستعجل إلى يحيى بن معين فقال : يا أبا زكريا حدثني بشيء أذكرك به ، فالتفت إليه يحيى فقال : اذكر أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل . (تهذيب الكمال 31/560)
(شرف أصحاب الحديث)